تحت شعار دعم السلام.. مساعٍ صينية للاستحواذ على ثروات القرن الإفريقي
تحت شعار دعم السلام.. مساعٍ صينية للاستحواذ على ثروات القرن الإفريقي
استضافت إثيوبيا على مدى يومين مؤتمرا بعنوان "دعم السلام والاستقرار في القرن الإفريقي" تحت رعاية الصين، بهدف خفض التوترات والنزاعات في المنطقة.
وخلال يومي 20 و21 يونيو الجاري، شارك في المؤتمر الذي ترعاه الصين، مسؤولون في وزارات الخارجية من إثيوبيا والسودان والصومال وجنوب السودان وكينيا وأوغندا وجيبوتي، فيما غابت إريتريا.
والقرن الإفريقي، منطقة تقع في شرق القارة السمراء، وتضم دول جيبوتي والصومال وإريتريا وإثيوبيا، فيما يُدخل فيها بعض الجغرافيين أيضاً كينيا وأوغندا والسودان.
واتفق المشاركون في المؤتمر الذي انعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وفق بيان مشترك، على مواصلة جهود السلام المشتركة في المنطقة المضطربة التي تعاني من الصراعات المسلحة.
وأوضح البيان، أن المشاركين يؤيدون رؤية العمل معا للحفاظ على السلام والأمن والاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، ودعم مبادرة الأممية المسماه بـ"إسكات البنادق".
وأضاف: "الأطراف على استعداد لإدارة الخلافات والنزاعات بين دول المنطقة، والسعي إلى التسوية السلمية من خلال الحوار والمفاوضات في محاولة لتخفيف الوضع الأمني في دول المنطقة".
وإسكات البنادق، مبادرة قدمتها مصر واعتمدها مجلس الأمن الدولي بالإجماع في فبراير 2019، وفق القرار رقم 2457، والذي يهدف إلى تخليص القارة السمراء من النزاعات والصراعات المسلحة، لتهيئة الظروف المواتية للنمو والتنمية المستدامة.
بدوره، أعلن المبعوث الصيني الخاص للقرن الإفريقي شيويه بينغ، إن الاجتماع سيستمر مع كبار مسؤولي البلدان الذين تعهدوا باللقاء مرتين (لم يحدد موعدهما) لإيجاد تسوية يتم التفاوض عليها للنزاعات المسلحة الجارية.
وأوضح بينغ، أن "الاجتماع لم يتناول نزاعات محددة، ويتعين على كبار قادة الدول أن يقرروا الخوض في نزاعات محددة وإيجاد السبل والوسائل لحلها".
وأضاف: "بما أن دول المنطقة لديها ثقة عالية في الصين، فسوف نستمر في التوسط لحل النزاعات لدينا استثمارات ضخمة في المنطقة، وسنستمر في تطوير الطرق والسكك الحديدية والموانئ".
ومطلع العام الحالي، عيّنت الصين الدبلوماسي المخضرم شيويه بينغ، مبعوثا خاصا لشؤون لمنطقة القرن الإفريقي، إذ تسعى بكين إلى لعب دور أكثر نشاطاً داخل منطقة القرن الإفريقي، والتي تتمتع بأهمية إستراتيجية كبيرة.
وتشهد المنطقة الإفريقية اضطرابات وتوترات عسكرية معقدة ومتشابكة، جراء انتشار جماعات مسلحة وقبائل متحاربة وعصابات تهريب واتجار بالبشر.
مساعٍ اقتصادية واستثمارية
بدوره قال الباحث في العلاقات الدولية والشؤون الإفريقية حسام الدين محمود، إن الصين تسعى منذ 20 عاما لترسيخ نفوذها الاقتصادي والعسكري كبديل عن النفوذ الغربي في منطقة القرن الإفريقي.
وأوضح محمود، في تصريح لـ«جسور بوست» أن بكين تولي اهتماما كبيرا بمنطقة القرن الإفريقي، نظرا لضخامة حجم ثرواتها الإستراتيجية، ورغبتها في السيطرة عليها.
ودلل على ذلك بقوله: "خلال الأعوام الماضية تواجدت الصين عسكريا في المنطقة من خلال قاعدتها العسكرية في جيبوتي، إضافة إلى مساعيها لحل صراعات المنطقة، بهدف زيادة نفوذها الاقتصادي وحركة التبادل التجاري".
وأضاف محمود: "بكين عينت واحدا من أمهر دبلوماسييها في منطقة القرن الإفريقي وهو شيويه بينغ، بهدف التواصل مع كل الجهات النافذة لحل النزاعات والقضايا الخلافية في منطقة القرن الإفريقي".
وتابع: "الصين بالفعل في طريقها للسيطرة الكاملة على هذه المنطقة من الناحيتين العسكرية والاقتصادية"، متوقعا أن تشهد السنوات القليلة القادمة نفوذا أكبر وأوسع للصين في القرن الإفريقي وباقي مناطق القارة السمراء".
واختتم حسام الدين محمود حديثه قائلا: "بكين تبذل تلك المساعي السياسية من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع دول القرن الإفريقي، للوصول إلى الهدف الأسمى بالسيطرة على ثروات المنطقة".
وتعمل الصين منذ سنوات على توسيع نفوذها في إفريقيا، حيث دشنت في أكتوبر عام 2000 منتدى التعاون الصيني- الإفريقي، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع البلدان الإفريقية.
وأنشأت في منطقة القرن الإفريقي قاعدة عسكرية لحماية مصالحها بتكلفة نحو 600 مليون دولار، باسم "قاعدة دعم جيش التحرير الشعبي الصيني" قوامها نحو 10 آلاف جندي، ومقرها جيبوتي، التي تحتل موقعاً إستراتيجياً على مضيق باب المندب، الذي يفصل خليج عدن عن البحر الأحمر.
وتشهد المنطقة اضطرابات عدة، أبرزها الصراع في إقليم تيغراي بشمال إثيوبيا، والذي تسبب في مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين، فضلاً عن أعمال العنف في الصومال، والخلافات الكينية الإثيوبية وغيرها.